الانتماء الحزبي بين واقع المصلحة الشخصية وجلبة خدمة الصالح العام
//بقلم ذ. بحراوي رشيد//
لا يخفى على الرأي العام المتتبع للساحة السياسية منذ السبعينات بعثة الطوائف السياسية المتعددة المبنية على فلسفة فكرية معينة، ولا يمكن الفصل بين المنظور الفكري وتأسيس الأحزاب والجمعيات والتنظيمات بصفة عامة.
شهدت الساحة السياسية ميلاد هيئات عديدة بإيديولوجيات مختلفة، تؤطر عملها وتموقعها في المنظومة السياسية، وتمثل طبقات اجتماعية تتخذها قاعدة داعمة في التمثيليات الانتخابية، وتدعم توجهها وتطمح لتمركزها في مراكز القرار خدمة لقضيتها.
ما يثير الانتباه أن هذا النهج في الانتماء للأحزاب بات مجرد سراب عابر، تكرر هذا المشهد خصوصا بعد فترة قيادة حكومة التناوب للبلاد في التسعينات، وشهدت الأحزاب حركة كبيرة لمنتخبيها ومناضليها تواليا، فمن كان اشتراكيا بالأمس أضحى ليبيراليا ومن كان ليبيراليا بات بقدرة قادر تقدميا.
ولعل من أبرز ما شهدته الساحة السياسية تحالف حزب التقدم والاشتراكية التقدمي وحزب العدالة والتنمية إبان فترة تولي بنكيران منصب الوزير الأول، ينضاف إليه تحالف الاتحاد الاشتراكي وحزب التجمع الوطني للأحرار ذو الخط الليبيرالي وتيار وهبي اليساري شريكا في التحالف.
على المستوى المركزي أبانت الأحزاب عن دحض بارز للإيديولوجيات وانخرطت في التسيير والتدبير ضاربة عرض الحائط للفلسفة الفكرية التي تؤطر سياسة عمل كل حزب، طموحها الأكبر الفوز بالحقائب الوزارية والمناصب حسب قاعدة الأصوات لا أقل ولا أكثر.
ومن المستحيل أن نتحدث على أن اختلاف الرؤى في رسم السياسات العمومية وفق القناعات الفكرية بات هو المحدد للتحالفات الحكومية، بل المحدد لغة الحقائب الوزارية، وهو نفس المنطق الذي يحكم التحالفات الإقليمية على مستوى الجماعات، فلا حديث عن التضارب الفكري بين المنتخبين بقدر ما يهم عدد المقاعد والمناصب الذي سيناله بناء على كثلة الأصوات.
في ظل هذا التميع السياسي الحاصل، انخرط الجميع في العمل السياسي دون محدد فكري، وصار الطموح تمثيل القاعدة بهاجس الإصلاح المنشود وغياب الدافع الفكري جعل المنتخبين قاعدة متحركة لبناء التحالفات وفق ضوابط أخرى تقودها المصالح الشخصية.
تخليق العمل السياسي ضرورة ملحة لبناء معالم منظومة سياسية قوية،
تضمن تطوير أداء الحكومة ليستجيب للتطورات التي تشهدها الحياة السياسية وتضمن وجود معارضة قوية تتمتع بالشرعية القانونية والسياسية.