صراعات الخلافة في الغرفة الفلاحية.. كفاءات غائبة ومناصب بلا جدوى ومصير غامض يهدد الفيدرالية البيمهنية للورد العطري

13

بلاد تيفي – قلعة مكونة

 

لامناص من أجواء تتسم بالارتباك المؤسسي وغياب الرؤية الاستراتيجية، حيث تحوّلت أروقة الغرفة الفلاحية إلى مسرحٍ لصراعات جانبية وتحالفات ظرفية واتهامات متبادلة، تدور كلها حول منصب شاغر لم يعد يمثل سوى رمزية شكلية، بعد أن تبقّى من الولاية أقل من عام. وفي وقت كان يفترض فيه توجيه الجهود نحو قضايا الفلاحة والتنمية المستدامة، انجرف بعض الفاعلين المحليين إلى مسارات ضيقة لا تخدم سوى الحسابات الشخصية أو الحزبية.

 

ما جرى خلف الأبواب المغلقة يُمثل مشهدًا دالًا على محدودية الكفاءة السياسية والمؤسساتية لدى فئة من الفاعلين الذين خلطوا بين تدبير المرفق العام والمنافسة المحكومة بالغايات الشخصية. فقد تحوّلت النقاشات إلى جدالات عقيمة، لا تفرز حلولًا عملية ولا تراهن على إصلاح فعلي، بل انحصرت في تنازع على منصب محدود الصلاحيات، بلا رؤية واضحة أو برنامج قابل للتنفيذ.

 

المفارقة أن المنصب موضوع التنافس لم يعد يملك الأدوات الكافية لتغيير واقع الفلاحين، مما يجعل من هذا الصراع لعبة خاسرة بامتياز. فالصلاحيات محدودة، والزمن المتبقي لا يسمح ببناء استراتيجية إصلاحية متكاملة. وهو ما يجعل من هذه المعركة لعبة صفرية بامتياز ومع ذلك، لا يزال البعض يصرّ على التشبث بالموقع، في قراءة تفتقر إلى تقدير المصلحة العامة وتُغيب أولويات الفلاح المغربي.

 

الأخطر أن هذا الصراع لم يعد جزءًا من تنافس ديمقراطي طبيعي داخل مؤسسة منتخبة، بل أصبح في حالات معينة انعكاسًا لانحراف عن المهام المؤسساتية الأصلية، من خلال سلوكيات تفتقر للمسؤولية، وغياب رؤية إصلاحية تُعيد الاعتبار للعمل المؤسساتي. وتصدّر المشهد أفراد يُحسنون الحديث باسم الثقافة والمصلحة العامة، بينما يفتقد أداؤهم إلى الحد الأدنى من الكفاءة والتخطيط الواقعي.

 

وسط هذا الوضع المقلق، تبدو الفيدرالية البيمهنية للورد العطري في وضعية هشة تتطلب تدخلًا عاجلًا. فقد كانت هذه الهيئة، إلى وقت قريب، فضاءً للتنسيق وتوحيد الجهود من أجل النهوض بالقطاع الفلاحي، غير أن غياب قيادة فعالة وتفاقم الخلافات الداخلية جعلاها عرضة للتفكك وفقدان التأثير.

 

وتزداد الصورة قتامة حين يتقدم بعض الفاعلين، رغم افتقادهم للخبرة أو الإنجاز المؤسساتي، بطموحات لتولي منصب بالغرفة الفلاحية. وإن كان من بينهم من تولى مناصب عدة، من بينها قيادة الفيدرالية البيمهنية للورد العطري، إلا أن غياب رؤية مؤهِّلة يُضعف مشروعية هذا الطموح، ويثير أكثر من علامة استفهام حول أولويات المرحلة.

 

ما نعيشه اليوم هو نتيجة منطقية لتراجع مستوى الكفاءة لدى جزء من المتصدرين للمشهد المحلي، ممن اعتادوا الاشتغال في الهامش، بمعزل عن تطلعات الفلاح البسيط، الذي ينتظر من ممثليه الانصات لهمومه، والدفاع عن مصالحه داخل المؤسسات المنتخبة، بعيدًا عن الحسابات السياسوية الضيقة.

 

وفي ظل هذا الانسداد، يبقى السؤال الجوهري:

• هل ستنتصر إرادة الإصلاح الحقيقي؟

• هل سيعلو صوت الفلاح على الضجيج السياسي؟

• أم أن الغرفة الفلاحية ستظل رهينة صراعات ثانوية، إلى حين زوالها الإداري؟

 

الإجابة لا تأتي من خلف الأبواب المغلقة، بل من وعي المجتمع بضرورة محاسبة الفاعلين، ومن قدرة المؤسسات على استعادة وظيفتها الحقيقية: خدمة المواطن الفلاحي، بصدق وشفافية وكفاءة.

 

ملاحظة تحريرية: هذا المقال يعكس قراءة تحليلية لمشهد مؤسساتي محلي، ويُمارس حق النقد وفقًا لما يكفله القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، دون استهداف أشخاص أو هيئات بعينها، بل سعياً لتشخيص واقع تدبيري يحتاج إلى تقويم وشفافية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.