نظمت الجمعية المغربية لتربية الشبيبة – جهة مراكش آسفي، خلال الفترة الممتدة من 5 إلى 10 ماي 2025، مخيما جهويا موضوعاتيا حقوقيا بالمركز الوطني الإيكولوجي سيدي كاوكي، تحت شعار “نعيش حقوقنا، نحترم حقوق غيرنا”، بمشاركة مكثفة لليافعين واليافعات من مختلف فروع الجهة،
شكل هذا الملتقى مناسبة نوعية لترسيخ الوعي الحقوقي وتعزيز القيم الإنسانية لدى الناشئة في إطار تربوي تفاعلي منفتح، يجمع بين المعرفة، الترفيه، التعبير والإبداع. انطلقت فعاليات المخيم بجلسة افتتاحية تفاعلية، تم فيها تقديم الأطر التربوية، وفتح المجال أمام المشاركين للتعبير عن انتظاراتهم، كما تم الاتفاق على نظام داخلي يعكس روح الالتزام الجماعي، ويؤسس لأجواء مبنية على الاحترام والمسؤولية.
وقد تميز البرنامج العام للمخيم بغناه وتنوع محاوره، حيث استفاد المشاركون من مجموعة من الورشات التكوينية التي تناولت قضايا حقوقية راهنة بطرق تفاعلية ومبسطة تراعي خصوصيات الفئة العمرية المستهدفة.
من بين الورشات المميزة، ورشة “العنف ضد المرأة: مقاربة نوعية” التي ناقشت مختلف أشكال العنف وآثاره النفسية والاجتماعية، وورشة “التمييز والمساواة بين النصوص والواقع” التي قاربت الفجوة بين المبادئ القانونية والممارسة الواقعية داخل المجتمع، بالإضافة إلى ورشة “الحقوق الرقمية والوعي الرقمي” التي سلّطت الضوء على سلوك اليافعين في العالم الرقمي وسبل الحماية من الأخطار السيبرانية، وورشة “المواطنة وحقوق الإنسان” التي جاءت على شكل تفاعلي تضمن مسابقات وأنشطة تطبيقية، مما ساعد على ترسيخ المفاهيم بطريقة ممتعة ومباشرة.
كما تميزت فعاليات المخيم بتنظيم ألعاب تربوية ذات طابع حقوقي من بينها “لعبة أروقة الحقوق” التي أبدع المشاركون في التفاعل معها عبر محطات تحاكي الحقوق الأساسية، و”مسابقة البوصلة الحقوقية” التي اختبرت قدراتهم المعرفية بشكل تنافسي مشوق، بالإضافة إلى انعقاد “مجلس اليافعين” الذي ناقش خلاله المشاركون ستة حقوق رئيسية من اختيارهم، وعبروا عن آرائهم في مناخ يسوده الاحترام والحرية والإصغاء، مما ساهم في تنمية ملكات النقاش والحوار والقيادة لديهم. ولم تغب الأنشطة الثقافية والفنية عن هذا البرنامج، حيث تم تنظيم سهرات متنوعة أبرزها “سهرة صوت الملتقى” التي أبدع خلالها المشاركون في تقديم مواهبهم الغنائية والمسرحية والشعرية، وسهرة “البوصلة الحقوقية” التي شكلت لحظة فكرية وترفيهية في آن واحد، و”السهرة التراثية” التي أعادت الحياة لتقاليد مغربية متنوعة من خلال اللباس والموسيقى والفلكلور، كما خصصت سهرة “ألوان الحقوق” لتجسيد التضامن مع الشعب الفلسطيني عبر لوحات فنية ورسائل وجدانية قوية حملت أبعادا إنسانية نبيلة، تلتها “مسيرة كرنفالية” رمزية داخل فضاء المخيم تم فيها رفع الأعلام واللافتات تضامنا مع القضية الفلسطينية.
وفي جانب آخر، نُظمت ورشات خارجية وخرجات استكشافية أبرزها الخرجة إلى مدينة الصويرة، التي شكلت لحظة تربوية وسياحية مهمة، حيث تعرف المشاركون على المعالم التاريخية للمدينة العتيقة، واكتشفوا تراثها الثقافي الغني، في تجربة جمعت بين الاكتشاف والتأمل والانفتاح على الموروث الحضاري المغربي. كما تم تخصيص فترات للسباحة والترفيه، تمت برمجتها في احترام تام لمعايير السلامة والإشراف التربوي، مما ساهم في إدخال لحظات من المتعة والراحة في البرنامج. وقد واكبت القنوات الرسمية جانبا من هذه التظاهرة التربوية، من خلال تغطية إعلامية سلطت الضوء على خصوصية المخيم، وروح الانضباط والتفاعل الإيجابي التي طبعت مشاركات اليافعين، مما يعكس الدينامية المتجددة للجمعية ودورها الحيوي في تأطير الشباب وتكوينهم على القيم الكونية لحقوق الإنسان والمواطنة المسؤولة.
إن هذا المخيم لم يكن مجرد إقامة جماعية مؤقتة، بل كان تجربة إنسانية وتربوية متكاملة ساهمت في صقل شخصيات المشاركين، وتعزيز روح العمل الجماعي، وغرس قيم العدالة، المساواة، والتضامن في نفوسهم، لتبقى ذكراه حية في الذاكرة، وآثاره ممتدة في سلوكهم اليومي ومبادراتهم المستقبلية.